تعد "مزرعة الحيوانات" إحدى الروايات الشهيرة للأديب الإنجليزي العملاق جورج أوروال والتي نشرها في أعقاب الحرب العالمية الثانية ولفائدة الذين لم يقرأوها نورد هنا بعض ملامح قصتها... تدور أحداث هذه الرواية الخيالية حول ثورة مزعومة يقوم بها حيوانات إحدى المزارع ليحرروا أنفسهم من جبروت "المستر جونز" صاحب المزرعة العربيد والذي كان يستعبدهم بقسوة ...لاذ المستر جونز بالفرار وأضحت هذه المزرعة ملكا للحيوانات الذين اجتمعوا واتفقوا في ما بينهم على وصايا سبع تضفي صفة الخير على الدواب والطيور وصفة الشر على الإنسان وتحرم التشبه به في أمور اللباس والنوم على السرائر وتناول الكحول وإزهاق الأرواح وتؤكد آخر هذه الوصايا على أن الحيوانات في ما بينها سواسية مثل أسنان المشط...ووقف الجميع إجلالا للنشيد الذي كان قد كتبه "ماجور" الأب الروحي للحيوانات والتي تقول كلماته " يا حيوانات العالم أبشروا فأيام الإنسان معدودة وثمار الحقول عائدة لنا..."
لم يمض وقت طويل حتى سيطر فريق الخنازير على زمام الأمور في المزرعة وسخروا بقية الحيوانات في خدتهم تحت ظروف قاسية لا تختلف كثيرا عما كانت عليه الأمور إبان حكم المستر جونز بينما حللوا لأنفسهم ما لذ وطاب من أكل وشرب مخالفين بذلك ما جاء في الوصايا السبع...تنازع الخنازير في ما بينهم حول من يقود المزرعة...أشهر نابليون كلابه الشرسة التي كان يربيها منذ ولادتها دون علم أحد... ولاذ منافسه - الخنزير "سنوبول" - بالفرار... خلت الساحة لنابليون الذي دعى بعدها إلى اجتماع عام للحيوانات تحرسه كلابه وتحدث عن مشروع طاحونة الهواء الذي كان عصارة مخه وعن المؤامرة التي تحاك ضد مزرعة الحيوانات..أحاط بنابليون صبيانه يقودهم المداح "سكويلر" وأنشدوا جميعا نشيد المزرعة الجديد والذي أصبحت كلماته تقتصر على الدعاء بطول العمر لنابليون...صفقت الأغنام لقائدها الجديد وهتفت في صوت واحد وراء المداح "سكويلر": "من يمشي على أربع أو يطير فهو خير ومن يمشي على اثنتين فهو شر"...نذر الحصان "بوكسر" على نفسه أن يضاعف من جهده الكادح حتى يكتمل مشروع الطاحونة وردد مقولته الشهيرة "نابليون دائما على حق" ودعى القسيس "موسى" بطول العمر لنابليون - تماما كما كان يدعو بطول العمر للمستر جونز من قبله - وحث جميع الحيوانات لطاعة ولي الأمر ومضاعفة الجهد وذكرهم بجنات عدن تنتظرهم بعد مماتهم... وأما القطة فقد جلست كعادتها تغفو في مكان دافئ ولا تعير اهتماما لما يجري حولها...هذه القطة تغيب عن الأنظار طيلة ساعات العمل الطويلة والشاقة لكنها تحرص على الظهور فقط عند الأكل وفي المناسبات وتصوت لهذا و ضده في آن واحد... وهي عضو مسجل - وإن كان غير فعال - في لجنة "حيونة الحيوانات" إحدى اللجان الكثيرة التي شكلها نابليون...
لم يمض وقت طويل حتى ساءت الأمور في المزرعة وأصبح الحيوانات يعانون مزيدا من الجوع والعطش والبرد والإرهاق ...اختفى التفاح وحليب الأبقار واكتشفت القطة أن الخنازير تصادر الحليب وتشربه في الخفاء...انكشف السر فاضطر المداح "سكويلر" أن يشرح للحيوانات كيف أن الخنازير تحتاج إلى الحليب - رغم أنها لا تحبه - نظرا للجهد الجهيد الذي تبذله في التفكير في مستقبل المزرعة نيابة عن الحيوانات...لاحظت القطة أيضا أن لوحة الوصايا السبع قد عدلت في الخفاء فتلك التي كانت توصي بعدم النوم على السرائر أضيف إليها "بدون لحاف" والتي كانت توصي بعدم شرب الكحول أضيف إليها "بكثرة" وتلك التي كانت توصي بعدم إزهاق الأرواح أضيف إليها "بدون سبب" والتي كانت تقر بأن الحيوانات متساوية أضيف إليها "إلا أن بعضا منها أكثر تساويا" ...أصبح لنابليون علاقات بجيرانه المزارعين...وصار يتشبه بهم أكثر فأكثر...يلبس لباسهم ويقلدهم في مشيتهم ويقايضهم الخشب بالوسكي...ولا يعير اهتملما للوصايا السبع...في يوم من الأيام تعرضت المزرعة لهجوم أحد المزارعين ودمرت الطاحونة فهبت الحيوانات تدافع عن المزرعة...أصيب الحصان الأمين "بوكسر" في معركة الطاحونة وجيء بسيارة قيل أنها سوف تنقله لتلقي العلاج...تبين للحمار "بانجمن" - وهو من قلائل حيوانات المزرعة الذين يقرأون - أن لوحة السيارة تشير إلى أنها تتبع السلخانة...صاح لزملائه من الحيوانات التي لا تجيد القراءة أن الخنزير نابليون قد باع بوكسر للسلخانة بثمن بخس بعد كل ما بذله من جهد وعطاء وولاء...قاد الحمار بانجمن محاولة لإنقاذ الحصان الجريح لكنها باءت بالفشل...وانتهى الأمر ببوكسر إلى المسلخة لكن المداح "سكويلر" أكد من جهته أنه لا صحة لهذه الشائعات وأن الحصان بوكسر قد توفي بسلام وهو في المستشفى يتلقى أفضل العلاج والرعاية اللازمة بناءا على تعليمات نابليون...
ورغم أن أوروال عند كتابته لهذه الرواية كان يشير إلى أحداث الثورة البلشفية واستحواذ ستالين على السلطة في الثلاثينات أو ما كان يعرف بسنوات التطهير في الإتحاد السوفييتي إلا أنها لا تنحصر بالضرورة في ذلك فالمتتبع لأحداث الربيع العربي في أرجاء الوطن العربي الكبير لا يفوته أن يرى وجه الشبه والتطابق في كثير من الفصول والمشاهد والشخصيات لكن هذا المقال لن يخوض في تحديدها بل نترك ذلك لخيال القارئ الكريم ...